الكلام عن الخطأ والفساد مهم بخاصة حينما يكون صادقا مخلصا وبليغا ولكن كل كلام الأرض لا ينفع إذا اكتفينا بالتحدث بشكل عمومي، وكلّ البحر لا يكفي إذا شطفنا السماء بمائه. سمّوا السارق بإسمه الثلاثي
الكلام عن الخطأ والفساد مهم بخاصة حينما يكون صادقا مخلصا وبليغا ولكن كل كلام الأرض لا ينفع إذا اكتفينا بالتحدث بشكل عمومي،
وكلّ البحر لا يكفي إذا شطفنا السماء بمائه.
كلمات مارسيل غانم في مقدماته رائعة وبليغة وصادقة ولكنها لا تكفي ولا تحقق المنشود،كذلك هي كلمات جو معلوف الجريئة.
نحن في لبنان بأمس الحاجة إلى إعلام استقصائي مبني على الوقائع لنخرج من الإنشاء.
والإعلام الاستقصائي يحتاج الى الشفافية وسهولة الوصول إلى المعلومة.
الأمر ليس خياليا ولا بعيد المنال، كل ما نحتاجه هو أن نسنّ قانونا لتسهيل الوصول الى المعلومة في جميع مؤسسات الدولة،وهذا من حق
المواطن بالبداهة،فهذه أمواله أولا وآخرا ،والمسؤولون مكلّفون من قبله.
في الشمال وفي منطقة الضنية تحديدا،أقدم رئيس اتحاد البلديات فيها،محمد سعدية، على هذه الخطوة الجريئة من تلقاء نفسه واضعا كل مشاريع البلديات العشرين وأموالها وتفاصيلها على موقع رسمي ليضطلع أي مواطن عليها، وقد منحته المؤسسة الأوروبية درجة الكفاءة على هذا العمل الفريد،وبرعاية وزارة الداخلية والبلديات.
فما الذي يؤخّر سائر الزملاء عن القيام بخطوات مماثلة ؟
الكلام عن الخطأ بالعموم لا يكفي ،وأن يقال مثلا أن نواب المجلس حرامية لن يقدم ولن يؤخر بالرغم من الردود المسرحية التي قام بها بعض النواب لا دفاعا عن كراماتهم وإنما للفرقعة الإعلامية وحسب.
كلام يظل كلاما، ولكن أن يقال وعلى سبيل المثال أن نائبا عن مدينة طرابلس ويسكن في شارع الميناء واسمه الثلاثي كذا،متورّط في صفقة اختلاس من مؤسسسة التنظيم المدني ودائما كمثال ،وبمبلغ وقدره 300ألف دولار...اتهام موثق بالأرقام يأتي وقعه جادا ويلزم القضاء بملاحقته كما يلزم قائله بالإثبات.
سوى ذلك ستظل الكلمات كالدعوات ذاهبات في فضاء التمني والرجاء.
كلنا حكينا عن الفساد والرشاوي والسرقات والاستلباصات والتشبيح وكلنا أشرنا مرارا وتكرارا الى الشواذات والظلم والإهانات،وظل الكلام كلاما وهو يجب أن يقال دائما غير أنه لا يكفي، فحرية الوصول الى المعلومة عبر سياسة الشفافية هي التي تسهّل للإعلامي بالدرجة الأولى أن يقوم بعمل فعال وجريء ويؤدي الى نتائج ملموسة فلا يبقى مجرّد كلام بل ويبتعد عن الكيديات أو التجريح لغايات سياسية.
حتى ما أقوله هو كلام أيضا ما لم يفعّل على الأرض عبر مطالبة الناس بقانون للشفافية يسري على الجميع في كل مؤسسات الدولة.
ساعتئذ تتحول الكلمات الى مضبطة اتهام تقودنا الى المحاسبة الجدية لكل السادة السياسيين الذين يسرقون عرقنا وخبزنا ليل نهار ومنذ أن قامت الدولة حتى اليوم .
حسين الجسر